إن الحديث عن الحياينة تاريخياً ارتبط دائما بالجهاد والنضال ضد الغزاة. فهذه القبائل التي تعتبر من اكبر العرقيات القرب ريفية في المغرب، ينتهي نسبها عند قبيلة بني هلال العربية. جلبتهم الدولة السعدية في القرن السادس عشر من شرق المغرب من أجل حماية العاصمة آنذاك “فاس” حيث جعلت من هذه القبائل درعا واقيا للعاصمة فاس ضد هجمات قبائل صنهاجة الشمس. فوفرت الدولة السعدية الأرض للحياينة مقابل الخدمة العسكرية، فلعبوا دورا محورياً في معركة وادي المخازن ضد البرتغال، كما كان لهم الفضل في صد الهجوم التركي القادم من الشرق وانتصروا عليه في معركة وادي اللبن.

إلا أنّ  ود الحياينة مع نظام الحكم المركزي لم يدم طويلا، إذ انقلبوا عليه فكانوا يدخلون فاس ويطيحون بسلطان ويعينون آخر ويختطفون النساء ثم يبيعوهن في أسواق النخاسة. لم يكسر شوكة هذه القبائل إلا السلطان المولى اسماعيل حيث كاد يبيد الحياينة.

من الباحثين الذين إستهوتهم الثقافة الحيانية الباحث الفرنسي “لازاريف” الذي فند الأسطورة الشعبية –الحياينة عبارة عن كونفدرالية من ثلاث قبائل: أولاد رياب ’أولاد عليان وأولاد عمران – حيث يعتبر الحياينة أن هذا الثلاثي هم اخوة في حين بين “لازاريف” العكس، فإرياب واعليان وعمران مجرد أسماء ارتبطت بهذه القبائل، والذي يجمع بين هذه القبائل هو نسبها العربي.
وإنّ ما يؤكد عروبتهم هو الزجل الشعبي الحياني الذي يسمى “الهيتي” حيث حافظ هذا الفن على أغراض الشعر العربي من هجاء و مدح و ذم ……كما حافظ الحياينة على العادات و التقاليد العربية بما في ذلك اللهجة الحيانية التي تعتبر الاقرب إلى العربية من بين كل اللهجات المحلية.

إن من يتتبع التاريخ العام لهذه القبائل سيقف عند حقيقة أنّ الحياينة عاشوا نفس سيناريو الشتات اليهودي، فالحياينة قبائل لها وجود في كل الاقطار العربية ’فمنذ ان حكم عليهم بالتهجير من شبه الجزيرة العربية استقر بعض منهم في صعيد مصر وبعض في القيروان ثم آخرون في تلمسان.
و بالرغم من أن حياينة اليوم يستغلون مساحة كبرى في منطقة تلال مقدمة الريف إلا انهم يلاقون تهميشاً ممنهجاً من قبل السلطات المحلية والمركزية، وهذا في ظل ما يصطلح عليه اليوم بالمغرب الجديد مغرب التعددية الثقافية لم يجد الحياينة موطأ قدم لهم رغم التضحيات الكبيرة التي قدموها للدولة المغربية وعما قريب ستندثر الثقافة الحيانية عن الوجود.